كتاب الموتى وهم الخلود

أبدع الكنعانيون والبابليون قصَّة الخلق، أمَّا قصَّة الموت؛ فقد كانت من إبداعات المصريين، لا لأنَّهم أحبُّوا الموت، بل لأنَّهم أحبُّوا الحياة. تلك الفكرة هي محور هذا الكتاب الذي لم يعَد للباحثين المتخصصين في علم المصريات، إنَّما هو يستهدف القارئ المهتم الذي يريد أن يكوِّن معارف معمَّقة عن معتقدات الموت والخلود في المعتقدات المصرية القديمة، وذلك باطِّلاعه على نصوص مختارة هي أهم وأشهر ما نشر من “كتاب تعاويذ الموتى”.
لقد رفض المصريُّون القدماء الاعتراف بالموت في أنَّه نهاية طبيعية للحياة التي أحبُّوها، فسعوا إلى الاستمرار بحياتهم، وعدُّوا الموت حالةً عابرةً مثل النوم. أمَّا فكرة الموت الذي يعني العدم؛ فلم يعرفوها، بل آمنوا أنَّه انتقال لحياة أخرى، الطريق إليها خطر جدًّا وشاق، فدون لفافة تعاويذ الموتى ربَّما يكون من المستحيل اجتيازها. ولفائف التعاويذ هذه تُعدُّ أقدم نصٍّ ديني موثَّق في العالم، وهي أوَّل مرحلة للتفكير الديني المتكامل للإنسان حول الحياة الآخرة، حرص فيها على إيجاد جواب واضح للسؤال الخالد الذي شغل الناس على مر العصور: ماذا بعد الموت؟